بعـدما نزل الوحـي بالإذن لهنّ في الخروج للحاجـة ليلاً على خلاف ما قام به من اعتراض سـودة في الطريق.
الأمر الرابع :
من ذلك يظهر اشتباه ما ادّعوه ؛ تبريراً لفعل وسلوك عمر مع سودة أنّه : «حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فنزل الحجاب» (١) ..
وكيف يتصـوّر الحرص على العفاف والسـتر والغيرة على الحجاب مع ندائه بأعلى صـوته باسم سـودة في الطريق ، وجهاره أنّها لا تخفى عليه؟!
هل هذا إلاّ من التشهير بأُمّهات المؤمنين وهتك لخفارتهنّ؟!
بل لعلّ قوله تعالى : (يَا أيُّها الْنَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَلبِيبِهِنَّ ذلِكَ أدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (٢) ، والأمر بإدناء الجلباب لكي لا يؤذين في خروجهنّ هو الوحي الذي نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعـد.
الأمر الخامس :
إنّ ما رووه في سبب نزول الآية : إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) تأذّى «من أجل أنّ رجلاً كان يأكل معه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعائشة معهما ، فأصابت يدها يد الرجل ، فكره ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ، يتطابق مع الآيات السابقة الواردة في نفس المضمار من قوله تعالى : (يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَد مِنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ
__________________
(١) زاد المسير ـ لابن الجوزي ـ ٦ / ٢١٢.
(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٩.