ذكر الآلوسي في ذيل قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيّ أن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى ...) (١).
قال : «أخرج أحمد ، والترمذي وحسّنه ، والطبري ، والحاكم وصحّحه ، عن ابن مسعود رضياللهعنه ، قال : لمّا كان يوم بدر جيء بالأُسارى ، وفيهم العبّـاس ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما ترون في هؤلاء الأُسارى؟
فقال أبو بكر ...» ثمّ ذكر الرواية المتقدّمة (٢) وكلام أبي بكر وعمر وعبـد الله بن رواحة ، وفي الذيل : «فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : إنّ الله تعالى ليلين قلوب رجال حتّى تكون ألين من اللبن ، وإنّ الله سبحانه ليشـدّد قلوب رجال حتّى تكون أشـدّ من الحجارة» (٣).
أقـول :
هذه الرواية شاهدة لما مرّ استنتاجه : إنّ موقف عمر في قضية الأُسارى من المحطّات التي يجب التوقّف عندها ؛ لمعرفة رأيه تجاه قرابة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعشـيرته ؛ لأنّ تعريضـه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالموقف المتشـدّد : «إنّ الله سبحانه ليشـدّد قلوب رجال حتّى تكون أشدّ من الحجارة» هو تمثّل منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلكَ فَهِيَ كالْحِجارَةِ
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٦٧.
(٢) قد ذكر مصدرها في الحلقة السابقة ، وهو تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ٨ / ٤٦ ، الذي يرويها عن مسلم في صحيحه : كتاب الجهاد ب ١٨ : باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.
(٣) روح المعاني ١٠ / ٣٤ ؛ وانظر : مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٨٣ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٤٣.