والإعزاز له ، وهذا وارد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أيضاً ؛ ففي البحار ، عن المناقب لابن شهرآشوب ، في مكارم أخلاقه وسيرته : «وكان يكرِم مَن يدخل عليه حتّى ربّما بسط ردائه ، ويؤثِر الداخل بالوسادة التي تحته» (١).
ويفهم من كلمة «ربّما» أنّ هذا الفعل كان غايةً في الإكرام ، ومن الواضح أنّه لا يُبذل إلاّ لأهله ، وقضيّة إكرامه صلّى الله عليه وآله وسلّم أُخته من الرضاعة لمّا جيء بها معروفة ، والأجمل من ذلك ما روي من ورود أبيه وأُمّه وأخيه من الرضاعة عليه :
فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان جالساً يوماً ، فأقبل أبوه من الرضاعة ، وهو الحارث بن عبـد العزّى ، واختلف في إسلامه ، فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه. ثمّ أقبلت أُمّه ، أي حليمة ، فوضع لها شقّ ثوبه من جانبه الآخر ، فجلست عليه. ثمّ أقبل أخوه من الرضاعة ، وهو عبـد الله بن الحارث المذكور ، فقام صلّى الله عليه وآله فأجلسه بين يديه تكريماً له (٢).
ثمّ إنّه عليه السلام كان يرحّب بالختن ويصفه بـ : «مَن كفى المؤنة وستر العورة» مشيراً إلى علّة هذا التكريم والترحـيب.
إنّ مؤنة عيالك عليك ، فإن جاء مَن كفاك فيها كُلاًّ أو بعضاً فقد أحسن إليك وتفضّل عليك ، وإنّ ستر العورة من أهمّ واجباتك الشرعية والعقلائية ، ومَن ستر عورتك فقد حفظ كرامتك وشرفك وخفّف عنك وظيفةً مهمّة من وظائفك الشرعية والعرفية.
ثمّ لا يخفى أنّ الإمام عليه السلام يشير في كلامه إلى الجهتين المادّية
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ١ / ١٢٧ ، وانظر : بحار الأنوار ١٦ / ٢٢٨.
(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى بشرح القاري والخفاجي ٢ / ٩٠ ـ ٩١.