وقد لخصّ العلاّمة السـيّد علي الحسـيني الميلاني ـ حفظه الله ـ ما جاء في القرآن الكـريم من كـيفية الجدال وأنواعه في مقـدّمته العلمية التي وضعها لكـتاب «دلائل الصدق» ، نوردها بنصّها لِما فيها من فائدة جمّة.
قال السـيّد الميلاني :
«ولقد أقـرّت الأديان السـماوية أُسـلوب (الجدل) ، واتّخذه الأنبياء السـابقون طريقاً من طرق الدعوة .. وقد ورد في القرآن الكـريم نماذج من ذلك كـما سـيأتي ..
وأمّا نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ففي الوقت الذي أُرسـل كـما خاطبه الله عزّ وجلّ في الآية المباركـة : (يا أيّها النبيّ إنّا أرسـلناك شـاهداً ومبشّراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسـراجاً منيراً) (١) فقد حدّد له كـيفية الدعوة وأداتها بقوله له : (ادعُ إلى سـبيل ربّك بالحكـمة والموعظة الحسـنة) (٢) ثمّ أمره بالجدال حين يكـون هناك جدال منهم ، فقال بعد ذلك : (وجادلهم بالتي هي أحسـن) (٣).
وفي الجملة ، فإنّ الوظيفة الأوّلية هي البلاغ والدعوة إلى سـبيل الله ، فإن كـان هناك مَن تنفعه (الحكـمة) فبها ، وإن كـان من عموم الناس فبالنصيحة والموعظة الحسـنة ، فإن وجد في القوم من يريد الوقوف أمامه أو التغلّب عليه وجب عليه جداله ...
وفي ضوء ما تقـدّم ، فإنّ الجدال قد يكون حقّـاً ، وقد يكون باطلا ،
__________________
(١) سـورة الأحزاب ٣٣ : ٤٥ و ٤٦.
(٢) سـورة النحل ١٦ : ١٢٥.
(٣) سـورة النحل ١٦ : ١٢٥.