وأقول : ديني متابعة الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم وكتابي القرآن العظيم ، وتعويلي في طلب الدّين عليهما ، اللهمّ يا سامع الأصوات ، ويا مجيب الدّعوات ، ويا مقيل العثرات ، أنا كنت حسن الظّنّ بك ، عظيم الرجاء في رحمتك ، وأنت قلت : «أنا عند ظنّ عبدي بي» ، وأنت قلت : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) (١) ، فهب أنّي ما جئت بشيء ، فأنت الغنيّ الكريم ، وأنا المحتاج اللّئيم (٢) ، فلا تخيّب رجائي ، ولا تردّ دعائي ، واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت ، وبعد الموت ، وعند الموت ، وسهّل عليّ سكرات الموت فإنّك أرحم الراحمين.
وأمّا الكتب الّتي صنّفتها ، واستكثرت فيها من إيراد السّؤالات ، فليذكرني من نظر فيها بصالح دعائه ، على سبيل التّفضّل والإنعام ، وإلّا فليحذف القول السّيّئ ، فإنّي ما أردت إلّا تكثير البحث ، وشحذ الخاطر ، والاعتماد في الكلّ على الله.
الثّاني ، وهو إصلاح أمر الأطفال ، والاعتماد فيه على الله».
ثمّ إنّه سرد وصيّته في ذلك (٣) ، إلى أن قال : «وأمرت تلامذتي ، ومن لي عليه حقّ إذا أنا متّ ، يبالغون في إخفاء موتي ، ويدفنوني على شرط الشّرع ، فإذا دفنوني قرءوا عليّ ما قدروا عليه من القرآن ، ثمّ يقولون : يا كريم ، جاءك الفقير المحتاج ، فأحسن إليه».
سمعت وصيّته كلها من الكمال عمر بن إلياس بن يونس المراغي ، أخبرنا التّقيّ يوسف بن أبي بكر النّسائيّ بمصر ، أخبرنا الكمال محمود بن عمر الرازيّ ، قال : سمعت الإمام فخر الدّين يوصي تلميذه إبراهيم بن أبي بكر ، فذكرها.
__________________
(١) سورة النمل ، الآية ٦٣.
(٢) «وأنا المحتاج اللئيم» لم ترد عند السبكي.
(٣) انظر : عيون الأنباء ٣ / ٤٢.