الّذي نظرته (١) في الكتب المعتبرة أنّ العالم المخصوص تحت تدبير مدبّر منزّه (٢) عن مماثلة المتحيّزات (٣) ، موصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة. ولقد اختبرت الطّرق الكلاميّة ، والمناهج الفلسفيّة ، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة الّتي وجدتها في القرآن ، لأنّه يسعى في تسليم العظمة والجلالة (٤) لله ، ويمنع عن التّعمّق في إيراد المعارضات والمناقضات ، وما ذاك إلّا للعلم بأنّ العقول البشريّة تتلاشى في تلك المضايق العميقة ، والمناهج الخفيّة ، فلهذا أقول : كلّ ما ثبت بالدّلائل الظّاهرة ، من وجوب وجوده ، ووحدته ، وبراءته عن الشركاء في (٥) القدم ، والأزليّة ، والتّدبير ، والفعاليّة ، فذلك هو الّذي أقول به ، وألقى الله به. وأمّا ما انتهى (٦) الأمر فيه إلى الدّقّة والغموض ، وكلّ ما ورد في القرآن والصّحاح ، المتعيّن للمعنى الواحد ، فهو كما هو (٧) ، والّذي لم يكن كذلك أقول : يا إله العالمين ، إنّي أرى الخلق مطبقين على أنّك أكرم الأكرمين ، وأرحم الراحمين ، فلك ما مدّ به (٨) قلمي ، أو خطر ببالي فأستشهد وأقول : إن علمت منّي أنّي أردت به تحقيق باطل ، أو إبطال حقّ ، فافعل بي ما أنا أهله ، وإن علمت منّي أنّي ما سعيت إلّا في تقرير (٩) اعتقدت أنّه الحقّ ، وتصوّرت أنّه الصّدق ، فلتكن رحمتك مع قصدي لا مع حاصلي ، فذاك جهد المقلّ ، وأنت أكرم من أن تضايق الضّعيف الواقع في زلّة ، فأغثني ، وارحمني ، واستر زلّتي ، وامح حوبتي ، يا من لا يزيد ملكه عرفان العارفين ، ولا ينقص ملكه بخطإ المجرمين.
__________________
(١) في السبكي : إلا أن الّذي نطق به.
(٢) في السبكي : مدبرة المنزه.
(٣) في السبكي : التحيزات.
(٤) في السبكي : الجلال.
(٥) في السبكي : كما في.
(٦) في السبكي : ينتهي.
(٧) في السبكي : فهو كما قال.
(٨) في السبكي : فكل ما مده.
(٩) في السبكي : تقديس.