قالت : «أيّها العاجز الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء أعرني سمعك ، وفرّغ لي قلبك ، أنا مليكة بنت يشوعا (١) بن قيصر ملك الروم ، وأُمّي من ولد الحواريّين ، تُنسب إلى وصيّ المسيح شمعون ، أُنبئك العجب العجيب :
إنّ جدّي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة ، فجمع في قصره من نسل الحواريّين ومن القسّيسين والرهبان ثلاثمئة رجل ، ومن ذوي الأخطار سبعمئة رجل ، وجمع من أمراء الأجناد وقوّاد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف ، وأبرز من بهو ملكه عرشاً مسوّغاً (٢) من أصناف الجواهر إلى صحن القصر ، فرفعه فوق أربعين مرقاة ، فلمّا صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عُكّفاً ، ونشرت أسفار الإنجيل ، تسافلت الصلبان (٣) من الأعالي فلصقت بالأرض ، وتقوّضت الأعمدة (٤) فانهارت إلى القرار ، وخرّ الصاعد من العرش مغشيّاً عليه ، فتغيّرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم.
فقال كبيرهم لجدّي : أيّها الملك! أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال هذا الدّين المسيحي والمذهب الملكاني (٥).
فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً ، وقال للأساقفة : أقيموا هذه
__________________
(١) في بعض النسخ : (يوشعا).
(٢) في بعض النسخ : (وأبرز هو من ملكه عرشاً مصنوعاً). والبهو : البيت المقدّم أمام البيوت. وفي بعض النسخ : (مصنوعاً) مكان (مسوغاً).
(٣) في بعض النسخ : (تساقطت الصلبان).
(٤) في بعض النسخ : (تفرّقت الأعمدة) ، وفي بعضها : (تقرّضت).
(٥) الملكانية أصحاب ملكا الذي ظهر بالروم واستولى عليها ، ومعظم الروم ملكانية قالوا : إنّ الكلمة اتّحدت بجسد المسيح (الملل والنحل).