الأعمدة ، وارفعوا الصلبان ، واحضروا أخا هذا المدبّر العاثر (١) المنكوس جدّه ؛ لأزوّج منه هذه الصبيّة فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.
فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأوّل ، وتفرّق الناس وقام جدّي قيصر مغتمّاً ودخل قصره وأُرخيت الستور.
فأُريت في تلك الليلة كأنّ المسيح وشمعون وعدّة من الحواريّين قد اجتمعوا في قصر جدّي ونصبوا فيه منبراً يباري السماء علوّاً (٢) وارتفاعاً في الموضع الذي كان جدّي نصب فيه عرشه ، فدخل عليهم محمّـد (صلى الله عليه وآله) مع فتية وعدّة من بنيه فيقوم إليه المسيح فيعتنقه ، فيقول : أي محمّـد (صلى الله عليه وآله) :
يا روح الله! إنّي جئتك خاطباً من وصيّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا ، وأومأ بيده إلى أبي محمّـد صاحب هذا الكتاب.
فنظر المسيح إلى شمعون فقال له : قد أتاك الشرف ، فصل رحمك برحم رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال : قد فعلت. فصعد ذلك المنبر ، وخطب محمّـد (صلى الله عليه وآله) زوّجني ، وشهد المسيح عليهالسلام وشهد بنو محمّـد (صلى الله عليه وآله) والحواريّون.
فلمّا استيقظت من نومي أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي ؛ مخافة القتل ، فكنت أُسِرّها في نفسي ولا أبديها لهم ، وضُرِبَ صدري بمحبّة أبي محمّـد حتّى امتنعت من الطعام والشراب ، وضعفت نفسي ، ودقّ شخصي ، ومرضت مرضاً شديداً ، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلاّ أحضره جدّي وسأله عن دوائي ، فلمّا برّح به اليأس (٣) قال :
__________________
(١) في بعض النسخ : (العابر) ، وفي البحار نقلا عن غيبة الشيخ : (العاهر).
(٢) يباري السماء : أي يعارضها.
(٣) برّح به الأمر تبريحاً : جهده وأضرّ به.