فوردنا سرّ من رأى فانتهينا منها إلى باب سيّدنا فاستأذنّا فخرج علينا الآذن بالدخول عليه ، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساء طبري فيه مئة وستّون صرّة من الدنانير والدراهم ، على كلّ صرّة منها ختم صاحبها.
قال سعد : فما شبّهت وجه مولانا أبي محمّـد عليهالسلام حين غشينا نور وجهه إلاّ ببدر قد استوفى من لياليه أربعاً بعد عشر ، وعلى فخذه الأيمن غلامٌ يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرتين كأنّه ألف بين واوين ، وبين يدي مولانا رمّانة ذهبيّة تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها ، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة ، وبيده قلمٌ إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئاً قبض الغلام على أصابعه ، فكان مولانا يدحرج الرمّانة بين يديه ويشغله بردّها كيلا يصدّه عن كتابة ما أراد (١) فسلّمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس.
فلمّا فرغ من كتبه البياض الذي كان بيده ، أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه فنظر
__________________
(١) قال في هامش البحار الطبع الحروفي كذا : «فيه غرابة من حيث قبض الغلام عليهالسلام على أصابع أبيه أبي محمّـد عليهالسلام. وهكذا وجود رمّانة من ذهب يلعب بها لئلاّ يصدّه عن الكتابة ، وقد روي في الكافي ١ / ٣١١ عن صفوان الجمّال قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن صاحب هذا الأمر؟ فقال : إنّ صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب. وأقبل أبو الحسن موسى وهو صغير ومعه عناق مكّية وهو يقول لها : اسجدي لربّك ، فأخذه أبو عبد الله عليهالسلام وضمّه إليه ، وقال : بأبي وأمّي من لا يلهو ولا يلعب» ، انتهى. أقول : في طريق هذه الرواية معلّى بن محمّـد البصري قال العلاّمة رحمهالله في حقّه : مضطرب الحديث والمذاهب ، وكذا النجاشي ، وقال ابن الغضائري : نعرف حديثه وننكره ، يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرّج شاهداً. راجع جامع الرواة.