ورُوي في الخبر الصحيح انَّه كلّفه في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكّة : أن يصنع له طعاماً وأن يدعو له بني عبد المطلب ، فصنع له الطعام ودعاهم له فخرجوا ذلك اليوم ، ولم ينذرهم (ص) لكلمة قالها عمّه ابو لهب.
فكلّفه اليوم الثاني : أن يصنع مثل ذلك الطعام وأن يدعوهم ثانية ، فصنعه ودعاهم فأكلوا ، ثمَّ كلّفهم (ص) فدعاهم إلى الدين ، ودعاه معهم لأنَّه من بني عبد المطلب ، ثمَّ ضمن لمن يُوازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين ، ووصيَّه بعد موته ، وخليفته من بعده ، فأمسكوا كلّهم ، وأجابه هو وحده وقال : أنا أنصرك على ما جئت به واوازرك وابايعك.
فقال لهم لمّا رأى منهم الخذلان ومنه النصر ، وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة ، وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة : «هذا أخي ووصيّي وخليفتي من بعدي» فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمَّره عليك (١).
__________________
(١) مرّ هذا الحديث الصحيح بألفاظه وطرقه في ج ٢ ص ٢٧٨ ـ ٢٧٤ (المؤلف رحمهالله) وإليك طرق
الحديث كما أوردها المؤلف رحمهالله بتهذيب منّا :
أخرج الطبري في التأريخ ٢ / ٦٢ : عن ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن اسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم بن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن