تردّا ما صنع رسول الله صلىاللهعليهوآله وتحكما فينا خاصّة بما لم تحكما في سائر الناس؟ اسمعوا أيّها الناس ما ركب هؤلاء من الاثم ، أرأيتم إن ادّعيت ما في أيدي الناس من أموالهم أتسألونني البيّنة أم تسألونهم؟ فغضب عمر وقال : إنّ هذا فيء للمسلمين ، وهي في يدي فاطمة تأكل غلّتها فإن أقامت بيّنة على ما ادّعت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وهبها لها من دون المسلمين وهي فيئهم وحقّهم نظرنا في ذلك ، فقالت : حسبي بيّنة ربّكم الله أيّها الناس ، أسمعتم رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : ابنتي فاطمة سيّدة نساء الجنّة؟
قالوا : اللهمّ نعم قد سمعناه من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : سيّدة نساء أهل الجنّة تدّعي باطلا وتأخذ ما ليس لها؟ أرأيتم لو أنّ أربعة شهود شهدوا عليها بالفاحشة أو شهد رجلان بسرقة كنتم مصدّقين عليها؟ فأمّا أبو بكر فسكت ، وأمّا عمر فقال : نعتبر إذا ونوقع عليها الحدّ فقالت : كذبت والله وأثمت إلّا أن تقرّ انّك لست على دين محمّد صلىاللهعليهوآله ، إنّ الذي يجيز على سيّدة نساء أهل الجنّة شهادة ويقيم عليها حدّا لملعون كافر بما أنزل الله على محمّد صلىاللهعليهوآله ، إنّ من أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا لا تجوز عليهم شهادة ، لأنّهم معصومون من كلّ سوء ، مطهّرون من كلّ فاحشة ، حدّثني يا عمر عن أهل هذه الآية ، لو أنّ قوما شهدوا عليهم أو على أحدهم بشرك أو كفر أو فاحشة كان المسلمون يتبرّءون منهم ويحدّونهم قال : نعم ، ما هم وسائر الناس إلّا سواء ، فقال له علي : كذبت ، ما هم وسائر الناس سواء لأنّ الله عزوجل أنزل عصمتهم وطهّرهم وأذهب عنهم الرجس ، فمن صدق عليهم فانّما يكذب على الله وعلى رسوله فقال أبو بكر : أقسمت عليك يا أبا الحسن لمّا سكت ، فلمّا كان الليل أرسلا إلى خالد بن الوليد لعنه الله فقالا له : نريد أن نحملك على أمر ونسرّ إليك فقال : احملاني على ما شئتما فإنّي طوع أيديكما.
فقالا : نريد أن نحملك على أمر عظيم قال : احملاني على ما شئتما ولو قتل عليّ بن أبي طالب، قالا : هو ذاك ، قال خالد : متى أقتله؟
قال أبو بكر : إذا حضر المسجد فقم بجنبه في الغداة فصلّ إلى جنبه فإذا سلّمت فاضرب عنقه ، قال عليّ عليهالسلام : فصلّى خالد إلى جنبي متقلّدا السيف ، فندم أبو بكر وهو في الصلاة وأسقط في يده وجعل يؤمر نفسه حتّى كادت الشمس أن تطلع ، فقال أبو بكر قبل أن يسلّم : يا خالد لا تفعل ما أمرتك به ، ثمّ سلّم أبو بكر فقلت لخالد : وما ذلك؟ فقال خالد : كان أمرني إذا سلّم أن أضرب عنقك، فقلت لخالد : أكنت فاعلا؟ قال : إي وربّي إذا لفعلت (١).
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس : ٢٢٥ ـ ٢٢٨ ، مع تفاوت واضح بينه وبين المطبوع.