بعضا هو الحق ، فهذا معنى الحديث ، لا ما تأوّله الجاهلون ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب واتباع أحكام الأحاديث المزورة والروايات المزخرفة ، واتباع الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب، وتحقيق الآيات الواضحات النيّرات ، ونحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب ويهدينا إلى الرشاد.
ثم قال عليهالسلام : فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الامة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة فصارت بإنكارها ودفعها الكتاب ضلالا ، وأصحّ خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث قال : إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، واللفظة الاخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله صلىاللهعليهوآله : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا. وجدنا شواهد هذا الحديث نصّا في كتاب مثل قوله (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١) ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين عليهالسلام أنه تصدق بخاتمه وهو راكع ، فشكر الله ذلك له ، وأنزل الآية فيه ، ثم وجدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة : من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وقوله عليهالسلام : علي يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو خليفتي عليكم من بعدي.
وقوله حيث استخلفه على المدينة فقال : يا رسول الله تخلفني على النساء والصبيان ، فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. فعلمنا أن الكتاب يشهد بتصديق هذه الأخبار وتحقيق هذه الشواهد ، فيلزم الامة الإقرار بها إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن [ووافق القرآن هذه الاخبار] ، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار وعليها دليلا ؛ كان الاقتداء فرضا لا يتعدّاه إلّا أهل العناد والفساد» (٢).
__________________
(١) المائدة : ٥٨.
(٢) الاحتجاج : ٢ / ٢٥٣.