على أنفسهم ، ولم يلبسوا إلّا الحديد ، وهم من الصّبر على الذّلّ والتّعب والشّقاء على حال عظيم» (١). انتهى الكتاب.
فلمّا هلك ملكهم سار بهم ولده إلى أنطاكية ، وعمّهم المرض ، وصار معظمهم حملة عصيّ وركّاب حمير. فتبرّم بهم صاحب أنطاكية ، وحسّن لهم قصد حلب ، فأبوا وطلبوا قلعته ليودعوا فيها الخزائن ، فأخلاها لهم ، ففاز بما وضعوه بها وجاءت فرقة من الألمانية إلى بغراس ، وظنّوا أنّها للنّصارى ، ففتح واليها الباب ، وخرج أصحابه فتسلّموا صناديق أموال ، وقتلوا كثيرا منهم. ثمّ خرج جند حلب وتلقطوهم. وكان الواحد يأسر جماعة ، فهانوا في النّفوس بعد الهيبة والرعب منهم ، وبيعوا في الأسواق بأبخس ثمن (٢).
قال ابن شدّاد (٣) : مرض ابن ملك الألمان مرضا عظيما في بلاد ابن لاون (٤) ، وأقام معه خمسة وعشرون فارسا وأربعون داويا ، ونفّذ عسكره نحو أنطاكية ، حتّى يقطعوا الطّريق ، ورتّبهم ثلاث فرق لكثرتهم. فاجتازت فرقة تحت بغراس ، فأخذ عسكر بغراس مع قلّته مائتي رجل منهم. وسار بعض عسكر البلاد فكشف أخبارهم ، فوقعوا على فرقة منهم ، فقتلوا وأسروا زهاء خمسمائة (٥).
وقال ابن شدّاد (٦) : حضرت من يخبر السّلطان عنهم ويقول : هم ضعفاء قليلو الخيل والعدّة ، أكثر ثقلهم على حمير وخيل ضعيفة ، ولم أر مع كثير منهم طارقة (٧) ولا رمحا ، فسألتهم عن ذلك فقالوا : أقمنا بمرج وخم أيّاما ، وقلّت أزوادنا وأحطابنا ، فأوقدنا معظم عددنا ، وذبحنا الخيل وأكلناها.
__________________
(١) النوادر السلطانية ١٢٤ ، ١٢٥ ، مفرّج الكروب ٢ / ٣٢٠ ، ٣٢١ ، تاريخ ابن الفرات ٤ / ١ / ٢١٦ ـ ٢١٩.
(٢) المصادر نفسها.
(٣) في النوادر السلطانية ١٢٥.
(٤) هكذا في الأصل ، وهو «ابن لافون» كما في المصادر.
(٥) تاريخ ابن الفرات ٤ / ١ / ٢١٩ ، ٢٢٠.
(٦) في النوادر السلطانية ١٢٧.
(٧) طارقة ، جمعها طوارق ، وهي نوع من الرماح الثقيلة.