ومات الكند (١) الّذي على الفرقة الواحدة ، وطمع ابن لاون (٢) حتّى عزم على أخذ مال الملك لضعفه ومرضه ، وقلّة من أقام معه ، فشاور السّلطان الأمراء ، فوقع الاتّفاق على تسيير بعض العساكر إلى طريقهم. فكان أوّل من سار الملك المنصور محمد بن المظفّر ، ثمّ عزّ الدّين ابن المقدّم صاحب بعرين وفامية ، ثمّ الأمجد صاحب بعلبكّ ، ثمّ سابق الدّين عثمان ابن الدّاية صاحب شيزر ، ثمّ عسكر حماه. ثمّ سار الملك الظّاهر إلى حفظ حلب ، فخفّت الميمنة ، فانتقل إليها الملك العادل ، ووقع في العسكر مرض كثير ، وكذلك في العدوّ.
وتقدّم السّلطان يهدم سور طبريّة ، ويافا ، وأرسوف ، وقيساريّة ، وصيدا ، وجبيل ، وانتقل أهلها إلى بيروت (٣).
وفي رجب سار ملك الألمانيّين من أنطاكية إلى اللّاذقيّة ثمّ إلى طرابلس ، وكان قد سار إليه المركيس صاحب صور ، فقوّى قلبه ، وسلك به السّاحل ، فكانت عدّة من معه لمّا وصل إلى طرابلس خمسة آلاف (٤) بعد ذلك الجيش العظيم. ثمّ إنّه نزل من البحر ، وسار معظم أصحابه في السّاحل ، فثارت عليه ريح ، فأهلكت من أصحابه ثلاثة مراكب ، فوصل إلى عكّا في جمع قليل في رمضان ، فلم يظهر له وقع ، ثمّ هلك على عكّا في ثاني عشر ذي الحجّة سنة ستّ وثمانين ، فسبحان من أبادهم ومحقهم (٥).
__________________
(١) تعريب للفظ : «الكونت» أي الأمير.
(٢) هكذا في الأصل ، وهو «ابن لافون».
(٣) تاريخ ابن الفرات ٤ / ١ / ٢٢٠ ـ ٢٢٢.
(٤) قيل إنهم كانوا في طريقهم قبيل طرابلس ١٥ ألفا. (الفتح القسّي ٤٢٤) ، وقيل في موضع آخر منه إنهم كانوا ٤٢ ألفا عند طرطوس ، وعند ما وصلوا إلى طرابلس نقص نصفهم. (٣٩٣ و ٣٩٦) ، وقيل في نحو ألفي فارس. (زبدة الحلب ٣ / ١١٥) وقيل في نفر يسير. (مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٤٠٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ٣٤١) والمثبت عن ابن الفرات