التكليفية ، وٱستحقاق المكلّف العقاب إذا ارتكب المنهيّ عنه ، وأمّا الدلالة علىٰ الفساد فليست مستفادة من صيغة النهي ، وإنّما تستفاد من أدلّة شرعية أُخرىٰ ، ولذا يختلف حكم هذه المسألة باختلاف الموارد .
فدلالة النهي عن العبادة علىٰ فسادها ، تستفاد من علمنا بأنّ الشارع قد اشترط في صحّة العبادة أن يؤتىٰ بها بقصد القربة ، وهو لا يتأتّىٰ مع النهي عنها ، الكاشف عن حرمتها ومبغوضيّتها للشارع ؛ إذ لا يُعقل التقرّب إلىٰ المولىٰ بما هو مبغوض له ، و « لا طاعة لمَن عصىٰ الله » (١) ، كما روي عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وأمّا النهي عن المعاملة ، فإنّه لا يدلّ علىٰ فسادها ، إلّا إذا كان دالّاً علىٰ اعتبار شيء في العقد أو المتعاقدين أو العوضين ، كما تقدّم ذِكره ، ومرجع ذلك إلىٰ فقد العقد لبعض الشروط المعتبرة في صحّته شرعاً .
وأمّا إذا كانت المعاملة مستوفية للشرائط وتعلَّق النهي بإيقاعها في حالٍ معيّنة ، كالنهي عن البيع وقت النداء ، فإنّه لا دلالة لصيغة النهي علىٰ بطلان المعاملة وعدم نفوذها ؛ قال الآخوند : « إنّ النهي الدالّ علىٰ حرمتها لا يقتضي الفساد ؛ لعدم الملازمة فيها ـ لغة ولا عرفاً ـ بين حرمتها وفسادها أصلاً » (٢) .
فصيغة النهي عن إيقاع البيع وقت النداء ، لا تدلّ علىٰ أكثر من الحرمة التكليفية والمبغوضيّة ، « ولم تثبت المنافاة لا عقلاً ولا عرفاً بين مبغوضيّة العقد والتسبّب به ، وبين إمضاء الشارع له ، بعد أن كان العقد مستوفياً لجميع الشروط المعتبرة فيه ، بل ثبت خلافها ، كحرمة الظهار ، التي
__________________
(١) كتاب سُليم : ٤٠٨ .
(٢) كفاية الأُصول : ١٨٧ .