ويلاحظ :
أنّ الجواب عن هذه المسألة لا يتوقّف علىٰ القول بثبوت الملازمة العقلية بين النهي والفساد ، أو عدم ثبوتها ، بل يمكن معرفته اعتماداً علىٰ فهم مفاد الأدلّة الشرعية ، ولأجل ذلك عدَّ بعض العلماء هذه المسألة من مباحث الألفاظ .
قال الآخونذ الخراساني : « لا يخفىٰ أنّ عدَّ هذه المسألة من مباحث الألفاظ إنّما هو لأجل أنّه في الأقوال قولٌ بدلالته [ أي النهي ] علىٰ الفساد في المعاملات مع إنكار الملازمة بينه وبين الحرمة » (١) .
وقال المحقّق الأصفهاني : « لا يبعد دلالة النهي عنه [ أي الفساد ] باللزوم بالمعنىٰ الأخصّ ؛ فتكون دلالته لفظيّة ، ويؤيّده فهم العرف ، ولذا ترىٰ الفقهاء يستدلّون في أبواب الفقه علىٰ الفساد بالنهي ، ولعلّ القائل بدلالته عليه شرعاً ينظر بطرف خفيّ إلىٰ هذه السيرة » (٢) .
وقال الشيخ المظفّر : « قد يدّعي بعضهم أنّ هذه الملازمة ـ علىٰ تقدير ثبوتها ـ من نوع الملازمات البيّنة بالمعنىٰ الأخصّ ، وحينئذٍ يكون اللفظ الدالّ بالمطابقة علىٰ النهي ، دالّاً بالدلالة الالتزامية علىٰ فساد المنهيّ عنه ، فيصحّ أن يراد من الدلالة ما هو أعمّ من الدلالة اللفظية والعقلية » (٣) .
والذي يبدو لي : أنّه لا شكَّ في دلالة صيغة النهي علىٰ الحرمة
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٨٠ .
(٢) وقاية الأذهان : ٤٠٤ .
(٣) أُصول الفقه ٢ / ٣٤٧ .