المنهيّ عنها إذا أتىٰ بها المكلّف .
وأمّا في ما يتعلّق بالنهي عن المعاملة ، فقد أكّدوا « أنّ استناد الفساد إلىٰ النهي إنمّا يصحّ أن يفرض ويتنازع فيه فيما إذا كان العقد بشرائطه موجوداً ، حتّىٰ شرائط المتعاقدين وشرائط العوضين ، وأنّه ليس في البين إلّا المبغوضيّة الصرفة المستفادة من النهي ، وحينئذٍ يقع البحث في أنّ هذه المبغوضيّة هل تنافي صحّة المعاملة أو لا تنافيها ؟
وأمّا إذا كان النهي دالّاً علىٰ اعتبار شيء في المتعاقدين ، أو العوضين ، أو العقد ، مثلُ النهي عن بيع السفيه والمجنون والصغير ، الدالّ علىٰ اعتبار العقل والبلوغ في البايع ، وكالنهي عن بيع الخمر والميتة والآبق ونحوها ، الدالّ علىٰ اعتبار إباحة المبيع والتمكّن من التصرّف به ، وكالنهي عن العقد بغير العربية ـ مثلاً ـ الدالّ علىٰ اعتبارها في العقد ، فإنّ النهي في كلِّ ذلك لا شكَّ في كونه دالّاً علىٰ فساد المعاملة ؛ لأنّ هذا النهي في الحقيقة يرجع إلىٰ . . . الإرشاد إلىٰ اعتبار شيء في المعاملة ، وقد تقدّم أنّ هذا ليس موضع الكلام من منافاة نفس النهي بداعي الردع والزجر لصحّة المعاملة » (١) .
وقد اختلفت الأقوال في هذه المسألة ، وفرّق المتأخّرون من العلماء بين النهي عن المعاملة بمعنىٰ السبب ، أي : العقد الإنشائي ، كالنهي عن البيع وقت النداء بصلاة الجمعة ، وبين النهي بمعنىٰ المسبّب ، كالنهي عن بيع الخمر والعبد الآبق ، وذهبوا إلىٰ أنّ النهي عن المعاملة بمعنىٰ السبب لا يلازم فسادها ، وأنّ النهي عن المسبّب يلازم الفساد .
__________________
(١) أُصول الفقه ٢ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦ .