وبين حكم الشارع بوجوبه أو حرمته ، « والأمثلة التي أوردوها ، كوجوب قضاء الدَين ، وردّ الوديعة ، والعدل ، والإنصاف ، وحسن الصدق النافع ، وقبح الظلم وحرمته ، إنّما هي من صغريات هذه القاعدة » (١) .
والثانية : قاعدة الملازمة بين إدراك العقل لحكم ثابت بدليل شرعي ، وبين حكم آخر للشارع مستكشَف بالملازمة المذكورة ، وقد تقدّم ذِكر بعض صغريات هذه القاعدة .
والتعقيب علىٰ رأي هذه الطائفة يقع في نقطتين :
* النقطة الأُولىٰ :
تتعلّق بما ذهبوا إليه من أنّ الشارع المقدّس بيّن أدلّة أحكام جميع الوقائع وجعلها بين أيدي المكلّفين ، إلّا أنّ حوادث الدهر الطبيعية والاجتماعية أتت علىٰ بعضها وضيّعته ، فلا بُدّ لسدّ الفراغ الناجم عن ذلك من اللجوء إلىٰ العقل .
ويرِد علىٰ هذه الدعوىٰ :
* أوّلاً :
أنّها منافية لقوله تعالىٰ : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢) ، التي أكدّ فيها الله عزّ وجلّ تعهّده بحفظ دينه ، ولا معنىٰ لحفظ الدين إلّا المحافظة علىٰ مصادره وعلىٰ الأدلّة المبيّنة لأحكامه وتعاليمه ، وهي موزّعة علىٰ الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة . .
__________________
(١) الأُصول العامّة للفقه المقارن : ٢٨٢ .
(٢) سورة الحجر ١٥ : ٩ .