ما تريد إلىٰ أمر فعله رسول الله تنهىٰ عنه ؟ ! فقال عثمان : دعنا منك ؛ فقال عليّ : إنّي لا أستطيع أن أدعك » (١) .
والذي تظهرنا عليه المصادر التاريخية والحديثية التي دُوّنت بأقلام العامّة ، أنّ أصحاب هذا الاتّجاه كانوا قد بدأوا بممارسة نشاطهم من أجل التدخّل في التشريع مقابل ما هو ثابت بالنصّ ، في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن جملة الشواهد التي يمكن تقديمها لإثبات ذلك :
١ ـ اعتراض عمر بن الخطّاب علىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في إمضائه صلح الحديبية ؛ إذ قال له : ألستَ نبيَّ الله حقّاً ؟
قال : بلىٰ .
قال : ألسنا علىٰ الحقّ ، وعدوّنا علىٰ الباطل ؟
قال : بلىٰ .
قال : فلِم نعطي الدنيّة في ديننا إذاً ؟
فقال : إنّي رسول الله ، ولست أعصيه ، وهو ناصري .
قال : أَوَليس كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطّوّف به ؟
قال : بلىٰ ، فأخبرتك أنّا نأتيه العام ؟ !
قال : قلت : لا .
قال : فإنّك آتيه ومطّوّف به » (٢) .
ومن هذا النصّ يتبيّن : أنّ عمر كان يعتدّ برأيه ، ولا يتعبّد بفعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي لا يصدر إلّا عن الوحي الإلٰهي ، ويحاول جاهداً أن يجد ثغرةً ينفذ منها لإثبات خطأ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مواقفه .
__________________
(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٨ / ٤٢٨ .
(٢) صحيح البخاري ٢ / ٩٧٨ كتاب الشروط .