فقال لي : وأنت لا تعلم شيئاً إلّا برواية ؟
قلت : أجل .
قال : ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم فأدّىٰ تسعمئة وتسعة وتسعين ، ثمّ أحدث ( يعني : الزنا ) كيف تحدّه ؟
قلت : عندي حديث ؛ حدّثني محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام : أنّ عليّاً عليهالسلام كان يضرب بالسوطِ وبثلثه وبنصفه وببعضه وبقدر أدائه .
فقال لي : فإنّي أسألك عن مسألة لا يكون فيها شيء ؛ فما تقول في جمل أُخرج من البحر ؟
فقلت : إن شاء فليكن جملاً ، وإن شاء فليكن بقرة ، إن كانت عليه فلوس أكلناه ، وإلّا فلا » (١) .
ويلاحظ :
أنّ مقتضىٰ ما ثبت من حرمة التشريع ، هو ما أكّدته النصوص من كمال الدين وٱستيعاب الأحكام الشرعية لجميع الوقائع ، ذلك أنّ عدم وفاء الأدلّة الشرعية بجميع الأحكام ، مع عدم السماح للإنسان بتعيين أحكام ما ليس عليه دليل شرعي ، يوقع الإنسان في العسر والحرج ، وهو أمر مخالف للحكمة ، فلا يمكن صدوره من الشارع المقدّس .
ومنه يتّضح : أنّ افتراض عدم مصادمة التشريع العقلي للتشريع الإلٰهي ؛ وأنّ أحكام العقل تكون في طول التشريع الإلٰهي لا في قباله ، هو افتراض يقوم علىٰ دعوىٰ نقص الشريعة وعدم وفائها ببيان جميع الأحكام ، وهي دعوىً ثبت بطلانها بالنصوص الدالّة علىٰ إكمال الدين وأنّه ما من
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال ـ للشيخ الطوسي ـ : ٤٤٨ ح ٧١٨ .