واقعة إلّا ولله فيها حكم .
وإذاً ، فاتّخاذ العقل مصدراً للتشريع ، الذي اصطلحوا عليه باجتهاد الرأي لا يكون إلّا في قبال النصّ ، وهو ما اتّفق المسلمون علىٰ حرمته ، وأنّ ادّعاء قصر اللجوء إلىٰ العقل علىٰ حالات عدم بيان حكم الواقعة في الكتاب والسُنّة ، هو ادّعاء لا يُراد به إلّا التغطية علىٰ الهدف الحقيقي لأصحاب هذا الاتّجاه ، الّذين أرادوا التدخّل في التشريع والتصرّف في الأحكام عن طريق الإضافة تارة ، والتغيير والتبديل تارة أُخرىٰ .
ولا أدلَّ علىٰ ذلك من أنّ الأحكام التي أصدرها أصحاب هذا الاتّجاه ، كانت كلّها من نوع الاجتهاد في مقابل النصّ ، وٱستعراض جميع هذه الأحكام يخرج بنا عن حدود هذا البحث ، فينبغي لنا تقديم نماذج يسيرة منها ، تاركين لمَن يرغب المزيد متابعة البحث في مظانّه (١) .
فمن نماذج ذلك :
١ ـ تشريع عمر الطلاق ثلاثاً دفعة واحدة ، أو دفعات في مجلس واحد ، بأن يقول : أنتِ طالق ثلاثاً ، أو يكرّر لفظ الطلاق بقوله : أنتِ طالق ، أنتِ طالق ، أنتِ طالق . .
فقد حكم عمر بأنّها تحسب ثلاث تطليقات حقيقية ، فتحرم المرأة علىٰ زوجها حتّىٰ تنكح زوجاً غيره ، علىٰ الرغم من أنّ الثابت شرعاً أنّ هذا الطلاق يحسب طلقة واحدة ، وأنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعدّ مثل هذا الطلاق لعباً بالكتاب ؛ فقد أخرج النسائي « عن محمود بن لبيد ، قال : أُخبر رسول الله عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام غضبان ثمّ
__________________
(١) ومنها كتاب النصّ والاجتهاد للعلّامة السيّد عبد الحسين شرف الدين قدسسره .