فيه شيء شامل لكلّ من الكتاب والسُنّة ، إذ كلّ منهما وحي نازل من الله عزّ وجلّ ، ولو كان يريد بالنازل خصوص القرآن ، لَما قال : ( أقضي بينكم برأيي ) الظاهر في إرادة الرأي الشخصي ، ولقال : أقضي بينكم بما أراني الله .
ولكنّ الرواية ليست صحيحة ، لا لِما ذكره من ضعف سندها فقط ، وإنّما لمنافاتها لآيات الكتاب الصريحة في أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يتقوّل علىٰ الله : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) .
ويلاحظ :
أنّ أئمّة أهل البيت عليهمالسلام وقفوا موقفاً حاسماً من اتّجاه الرأي ، وشجبوه شجباً قاطعاً ، وأكّدوا في أحاديثهم ما نصّ عليه كتاب الله من كمال الدين ، وعدم جواز تدخّل الإنسان في الأحكام بالزيادة والنقصان . .
روىٰ : « حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سأله سَوْرة ـ وأنا شاهد ـ فقال : جعلت فداك بمَ يفتي الإمام ؟ قال : بالكتاب . قال : فما لم يكن في الكتاب ؟ قال : بالسُنّة . قال : فما لم يكن في الكتاب والسُنّة ؟ فقال : ليس من شيء إلّا في الكتاب والسُنّة » (١) .
وعن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : « لو حدّثنا برأينا ضللنا كما ضلّ مَن قبلنا ، ولكنّنا حدّثنا ببيّنة من ربّنا ، بيّنها لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبيّنها لنا » (٢) .
« وفي هذا الحديث الشريف عبرة لمَن اعتبر ؛ لأنّه إذا كان هذا حال المعصوم لو اعتمد في استنباط الأحكام علىٰ رأيه وٱجتهاده من غير نصّ ،
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٤٠٨ .
(٢) بصائر الدرجات : ٣١٩ .