* رابعاً : إنّه حديث واضح الاختلاق ؛ إذ كيف يُعقل أن يقرّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فكرة نقص الشريعة ! وكيف يرضىٰ لواليه أن يتدخّل في التشريع ، مع تصريح الآية الكريمة بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه لا ينطق عن الهوىٰ ، وأنّ ما يبلّغه منحصر بما يتلقّاه وحياً من الله عزّ وجلّ ؟ !
* ثانياً : حديث رواه أبو داود ، قال : « حدّثنا إبراهيم بن موسىٰ ، حدّثنا عيسىٰ ، حدّثنا أُسامة ( هو ابن زيد ) ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، قال : سمعت أُمّ سلمة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : أنا أقضي بينكم برأيي في ما لم ينزل علَيَّ فيه » (١) .
وردّه ابن حزم بقوله : « أمّا حديث أُمّ سلمة فساقط لوجوه :
أوّلها : أنّه لا يصحّ ؛ لأنّ راويه أُسامة بن زيد ضعيف ؛ أيَّ الأُسامتين كان : أُسامة بن زيد الليثي ، أو أُسامة بن زيد بن أسلم .
والثاني : إنّ رأي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حقّ مقطوع به ؛ وليس رأي غيره كذلك ، قال الله عزّ وجلّ : ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّـهُ ) (٢) . . . فوضح أنّ معنىٰ قوله : ( في ما لم ينزل عليه فيه ) إنّما هو ممّا لم ينزل عليه فيه قرآن ، فيحكم بما أراه الله تعالىٰ من الوحي ، فبطل تعلّقهم بهذا الخبر لو صحَّ ، وهو لا يصحّ » (٣) .
أقول :
لو صحَّ هذا الحديث لا يبطل تعلّقهم به ؛ لأنّ ما لم ينزل عليه
__________________
(١) سُنن أبي داود ٣ / ٣٠٢ كتاب الأقضية ح ٣٥٨٥ .
(٢) سورة النساء ٤ : ١٠٥ .
(٣) الصادع : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ .