غريبة ، بل وفوق الغرابة بمكان !
ولكن ألا أدلّك علىٰ أدهىٰ من موقف أنصار الحسـين عليهالسلام وأدهش وأبهىٰ وأبهر ؟ ! هو موقف عقائل النبـوّة في مجلس يزيد وٱبن زياد !
أتسـتطيع أن تسـتحضر في نفسـك ، وتتمثّل في أُمّ رأسـك مجلس ابن زياد في قصر الإمارة بالكوفة وقد أَدْخَلوا عليه السـبايا والرؤوس ، وفيهنّ الحرّة الحوراء زينب الكبرىٰ ، وهو سـكران بنشـوة الفتح والظفر ، ورؤسـاء الأرباع والأسـباع (١) ، ورؤوس القبائل مثول بين يديه ، والدنيا مقبلة بكلّ وجهها عليه ؟ !
دخلت عليه تلك العقيلة وجلسـت ناحية متنكّرة ، فأبت نفسـه الخبيثة أن يصفح صفح الكرام ، ويغضي إغضاء الأماجد ، أبت نفسـه إلّا إظهار الشـماتة ، ولؤم الملَـكة ، وخبث الظفر ، وسـوء الاسـتيلاء ، وقبيح الأثرة ، فسـأل ـ ولا شـكّ أنّه . . . . . . . . (٢) ، ويهتكها ـ وهو المهتوك ـ وقال : « مَن هذه المتنكّرة ؟ !
فقيل له : هي زينب بنت عليّ عليهالسلام .
فقال لها قول الشـامت الشـاتم : أرأيت كيف صنع الله بأخيك الحسـين والعتاة المردة من أهل بيته ؟ !
__________________
(١) الأرباع : جمع الـرَّبْـع ؛ أي المنزل والمحلّة والدار .
والأسـباع : جمع الـسُّـبْـع ـ بالضمّ ـ : وهي جزء من سـبعة .
ٱنظر : لسان العرب ٥ / ١١٥ مادّة « ربع » ، تاج العروس ١١ / ١٩٩ مادّة « سـبع » .
ورؤساء الأرباع والأسباع كناية عن رؤساء العشائر والأحياء والمجاميع التي كانت حاضرة مجلس ابن زياد حين دخول حرم رسول الله سـبايا إلىٰ قصره .
(٢) كذا في الأصل ، والظاهر أنّ هناك سقطاً في الفقرة .