للعبادة . .
كما في خبر آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام ؛ قال : « المتعبّد علىٰ غير فقهٍ كحمار الطاحونة يدور ولا يبرح » ؛ ولذا فقد فُضّلت عبادة العالم علىٰ عبادة غيره بمراتب كثيرة جدّاً ، كما في الخبر : « ركعتان من عالمٍ خير من سبعين ركعة من جاهل » (١) .
هذا ، وكلّما ازدادت المعرفة بالله ازدادت العبودية له ، فأمير المؤمنين عليه السلام الذي قال : « لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً » (٢) ، قال الإمام الرضا عليه السلام عنه : « كان عليّ ـ والله ـ عبداً صالحاً أخو رسول الله صلّىٰ الله عليه وآله ، ما نال الكرامة من الله إلّا بطاعته لله ولرسوله » (٣) .
وقد بيّن الإمام الرضا عليه السلام تلك « الكرامة » في كلام له وصف أمير المؤمنين عليه السلام فيه ؛ إذ قال : « عبدٌ اختصّه الله بقدرته ليبيّن بها فضله عنده ، وآثره بكرامته ليوجب بها حجّته علىٰ خلقه ، وليجعل ما آتاه الله من ذلك ثواباً علىٰ طاعته ، وباعثاً علىٰ اتّباع أمره ، ومؤمّناً عباده المكلّفين من غلط مَن نصبه عليهم حجّةً ولهم قدوةً » (٤) .
فهي « كرامة » من الله جُعلت له « ثواباً علىٰ طاعته » ؛ ليكون « باعثاً » للمكلّفين علىٰ « اتّباع أمره » ، ولتتمّ به « حجّته » عليهم .
وهكذا كان أئمّتنا عليهم الصلاة والسلام ، فالعبادة لله عن معرفة منهم حصّلت لهم تلك المنزلة ، وكلّما ازدادوا كرامةً عند الله وقرباً منه ازدادوا
__________________
(١) سفينة البحار ٦ / ١٦ باب العين « عبد » .
(٢) غُرر الحِكم ـ للآمدي ـ ٢ / ١٤٢ .
(٣) بحار الأنوار ٢٥ / ٢٨٧ .
(٤) بحار الأنوار ٢٥ / ٢٧٧ .