بالصَّلادِم (١) ، ويصكّ جبهته بما هو أمضّ من الصَّوارِم (٢) ـ ورُبّ قول أنفذ من صول (٣) ـ ، ومعاوية يحتمل كلّ ذلك منه لِما يعلم من عزّة نفسـه وشـدّة شـكيمته .
مرّ علىٰ الحسـين عشـرون عاماً ـ مدّة خلافة معاوية ـ ما ذاق فيها طعم الخضوع والاسـتكانة ، حتّىٰ إذا هلك معاوية وٱمتنع عن البيعة ليزيد ، ورأىٰ من السـداد الهجرة عن المدينة ؛ ليعرف العالم الإسـلامي امتناعه عن البيعة ، فخرج من المدينة بأهل بيته قاصداً مكّة ، ولزم الطريق الأعظم ( الدرب السـلطاني ) ، فقيل له : « لو تنكّبت الطريق كما فعل ابن الزبير ؟
فقال : لا والله لا أُفارقه أو يقضي الله ما هو قاضٍ » (٤) .
فالحسـين ـ وعلىٰ ذِكره السـلام ، هو يحمل بين جنبيه هذه النفس الكبيرة ـ لمّا أراد الخروج من مكّة إلىٰ العراق أبت نفسـه الكريمة ، وأنفت همّته القعسـاء (٥) أن يخرج هو وولدانه وغلمانه علىٰ ظهور خيولهم خروج
__________________
(١) الصِّـلْـدِمُ والصُّـلادِمُ ـ : الشديدُ الحافر ، وقيل : الصِّـلْدِمُ : القويّ الشـديد مـن الحافِـر ، وجـمعـه : صَـلادِم ـ بالفتـح ـ ، وفـرسٌ صِـلْـدِمٌ ـ بالكسر ـ : صُـلْـبٌ شديد ، ورأسٌ صِـلْـدِمٌ وصُـلادِمٌ ـ بالضمّ ـ : صُـلْـب .
وهي هنا كناية عن قوّة حجّة الإمام الحسـين عليهالسلام وبلاغته .
ٱنظر : لسان العرب ٧ / ٣٨٧ مادّة « صلدم » .
(٢) أي : أحـدّ من السـيوف .
(٣) من حِكَمِ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، ٱنظر : نهج البلاغة : ٥٤٥ رقم ٣٩٤ .
(٤) مقتل الإمام الحسين ـ لابن أعثم الكوفي ـ : ٣٠ .
(٥) القَعَس : نقيض الحَدَب ، وهو خروج الصدر ودخول الظهر ؛ قَعِسَ قَعَساً ، فهو أقْـعَس ومُتقاعس ، والمرأة قعساء ، والجمع : قُـعْس .
و « همّته القعساء » هنا كناية عن علوّ همّة الإمام الحسـين عليهالسلام وٱرتفاع عزيمته وسموّ شأنه .
ٱنظر : لسان العرب ١١ / ٢٤٣ مادّة « قعس » .