ثمّ يكون الغالب بعدها هو المغلوب ، والقاهر هو المقهور .
نعم ، يزيد قتل الحسـين عليهالسلام وأنصارَه ، ولكنّ الحسـين قتل يزيد وكلَّ بني أُميّة بأعظم من قتلهم له بألف مرّة ؛ قتلهم يزيد يوماً واحداً ، وقتلوه وقومه إلىٰ آخر الأبد .
فأي الظفرين أعظم ؟ ! وأيّ القتلين أكبر ؟ !
وهذه الفلسـفة قد أدركها حتّىٰ الباحثون من الأجانب عن الإسـلام ، وقد ألمح إليها المسـتشـرق الألماني ( المسـيو ماربين ) ، حيث قال : « لمّا كان الحسـين يعلم عداوة بني أُميّة وبني هاشـم ، ويعرف أنّه بعد قتله يأسِرونَ عياله وأطفاله ، وذلك يؤيّد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسـلمين ، سـيّما العرب ، كما وقع ذلك ، جلبهم معه وجاء بهم من المدينة . . .
إلىٰ أن قال : ولمّا كانت أنظار المانعين محدودة ، وأفكارهم قاصرة ، ولا يدركون مقاصد الحسـين العالية ، وآخر ما أجابهم به : إنّ الله شـاء ذلك ، وجدّي أمرني به (١) ، فقالوا : إن كـنت تمضي إلىٰ القتل فما وجه حملك النسـوة والأطفال ؟
فقال : إنّ الله شـاء أن يراهنّ سـبايا » (٢) . انتهىٰ (٣) .
أقول : وهذا الجواب ليس كما تخيَّـلَـهُ المسـتشـرق جواباً إقناعياً ،
__________________
(١) ٱنظر : البداية والنهاية ٨ / ١٣١ .
(٢) الملهوف علىٰ قتلىٰ الطفوف : ١٢٨ ، بحار الأنوار ٤٤ / ٣٦٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٦٠ .
وٱنظر : أُسد الغابة ١ / ٤٩٨ رقم ١١٧٣ ، ترجمة الإمام الحسين ـ لابن سعد ـ : ٥٩ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٢٠٩ .
(٣) السياسة الإسلامية ـ لماربين ـ :