وحينئذ فلنفرض الحسـين عليهالسلام ـ كما يفترضه السـائل ـ زعيماً من الزعماء يرىٰ نفسـه بما أُوتي من شـرف الحسـب والنسـب أَوْلىٰ
بالخلافة من يزيد ، وأحقّ بالمُلكِ منه ، ولا جرم أنّه يبذل كلّ ما في وسـعه لاسـتعادة ذلك الحقّ المغصوب منه ومن أبيه .
أوّلاً : فعلىٰ الأقلّ أنّه لا يبايع يزيد
ويصير رعية له ، مع ما هو المعلوم من المجاهرةِ بإحياءِ كُـلِّ رذيلة ، وإماتةِ كُـلِّ فضيلةٍ .
وعليه : فالجواب الذي ذكرته
إذا كُسـي حلّة أُخرىٰ من البيان لم يكن للخصم لو أنصف أن لا يقتنع به .
وهل من سـبيل إلىٰ
الكشـف عن نفسـية يزيد وخسّـة طبعه وعدم أهليّته ، من حيث لؤم عنصره ، وخبث سـريرته ، وقبح سـيرته ـ مع قطع النظر عن الدين والشـرع ـ أقرب وأصوب وأعمق أثراً في النفوس عامّة والعرب خاصّة والمسـلمين بالأخصّ من هتك حرم النبوّة صلىاللهعليهوآلهوسلم وودائع الرسـالة ، وجلبهم أُسـارىٰ من بلد إلىٰ بلد ، ومن قفر إلىٰ قفر
؟ !
وهل أعظم فظاعة وشـناعة من
التشـفّي والانتقام بالنسـاء والأطفال بعد قتل الرجال ؟ !
وأيُّ ظفرٍ وغلبةٍ علىٰ
يزيد أعظم من إشـهار هذه الجرائم عنـه ؟ !
أمّـا القتـل ؛ فقـد كان عنـد
العـرب أهـون شـيء ، وهـو أمر معتاد متعارف لا شـيء فيه من الفظاعة والغرابة ، فكان الحسـين عليهالسلام أعرف أنّ يزيد وٱبن زياد من خبث الذات وسـوء الملَـكة مسـتعدّان لتلك الجرائم ؛ فأراد أن يبرزها منهم إلىٰ الوجود وتكون الناس منهم علىٰ بيّنة
محسـوسـة ،
__________________