الظلمة. وكذلك
القدرية ، يضيفون الخير إلى الله ، والشر إلى غيره ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ خالق
الخير والشر ، لا يكون شيء منهما إلّا بمشيئته.
وعلى الضد والنقيض
لهذه المقالة ، مقالة القدرية ـ كانت قد ظهرت مقالة أخرى مقابلة لها في التطرف ،
وهي مقالة «الجبرية» الذين نفوا فعل العبد وقدرته واختياره ، وزعمت أن حركته
الاختيارية كحركة الأشجار عند هبوب الرياح وكحركات الأمواج ، وأنّه على الطاعة
والمعصية مجبور ، وأنه غير ميسّر لما خلق له ، بل هو عليه مقسور مجبور .
وكانت هذه المقالة
قد أظهرها الجعد بن درهم الخرساني مع عدد من المقالات الأخرى ، كقوله بخلق القرآن ، وتعطيله
لأسماء الله وصفاته ، بل كان أوّل من حفظ عنه ذلك .
ويذكر علماء السلف
أن الجعد أخذ بدعته عن أبان بن سمعان ، وأن أبان بن سمعان أخذها عن طالوت ابن أخت
لبيد بن الأعصم وزوج ابنته ، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي
سحر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأنه أخذها عن يهودي باليمن لا يعرف .
وكان الجعد آنذاك
بدمشق ، ثم إنّه هرب منها حين طلبته خلفاء بني أمية لبعض مقالاته وسكن الكوفة
فلقيه هناك «الجهم بن صفوان بن محرز الراسبي مولاهم السمرقندي ، فتقلد منه مقالاته
، ثم إن الأمير خالد بن عبد الله القسري (ت ١٢٦ ه) تمكن من الجعد فقتله ذبحا
بواسط صباح يوم عيد الأضحى من عام أربع وعشرين ومائة».
فعن حبيب بن أبي
حبيب قال : خطبنا خالد بن عبد الله القسري بواسط يوم الأضحى فقال : «أيّها الناس!
ارجعوا فضحوا تقبل الله منّا
__________________