بالنسبة إلى الأفلاك ؛ لأنها كائنة فاسدة ، مستحيلة.
ودريت أن جملة الأرض ـ بما فيها ـ جزء يسير من جرم الشمس الّتي لا نسبة لجرمها إلى فلكها ، فكيف إلى الفلك الأقصى ، وكلّ ما على الأرض ما دام على الأرض فهو خسيس ناقص.
أولا ترى أن الإنسان الّذي هو أشرف ما في الأرض أكثره ناقص النفس ، فضلا عن البدن ، وكامل النفس لا ينال قطّ تمام الكمال ، ولو نال فإنما يناله من حيث اتّصال نفسه بالعالم الأعلى ، والموضع الشامخ العقلي ، والجواهر السماوية ، قد علمت أنها كاملة تامة ، إلّا ما رجع إلى أخسّ أعراضها ، وهو الوضع ، فلا يقصد الأشرف الأخس لأجل الأخسّ في نفسه ، على أن حصول الأوضاع ـ أيضا ـ ليس من كمالات أنفسها ، بل أجرامها ، وهي كتوابع ورشحات حاصلة من غايات نفسانية ، من باب الكمالات اللائقة بها ؛ وذلك لأنّ الحركة دائما إنّما تكون لأجل شيء آخر وسيلة إليه ، ولا تكون هي بما هي حركة منظورا إليها بالقصد الأوّل ، وهذا ظاهر ، ولا ريب لأحد في أن العاقل لا يتردّد في بيته لمجرّد إخراج الأوضاع من القوّة إلى الفعل.
ثم ما من ناقص إلّا وفوقه مراتب من الكمال ، وبينه وبين المطلوب الكامل من كلّ الوجوه درجات جوهرية لا تعدّ ولا تحصى ، فإذا كان له جوهر إدراكيّ متصوّر لما فوقه كيف أقصر نظره وحصر مطلوبه في اكتساب أخس الأمور وأدونها؟
فليس غرضها ـ إذن ـ إلّا تحصيل ما هو فوقها من المراتب العقلية ، سيّما وقد تبين أن كلّ سافل فله عشق إلى العالي ، وفي جبلّته شوق إلى تحصيل ما هو أعلى وأشرف منه.