تُبْصِرُونَ) (١).
ولو كانت بالكلية عرية عن النور لبقي ما دون الفلك في وحشة شديدة ، وليل مظلم، لا أوحش منه ، كما نبّه عليه بقوله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) (٢) ، قال : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٣).
ولو ثبتت أنوار السماوات ، أو لازمت دائرة واحدة ، لأثّرت بإفراط فيما قابلها ، وتفريط فيما وراء ذلك ، ولو لم يكن لها حركة سريعة لفعلت ما يفعله السكون واللزوم ، ولو لم يجعل الأنوار الكوكبية ذات حركتين : سريعة مشتركة ، وبطيئة مختصّة ، ولم يجعل دوائر الحركات البطيئة مائلة عن دائرة الحركة السريعة ، لما مالت إلى النواحي شمالا وجنوبا.
ولو لا أنّ حركة الشمس على هذا المنوال من تخالف سمتها لسمت الحركة السريعة لما حصلت الفصول الأربعة الّتي بها يتم الكون والفساد ، وتنصلح أمزجة البقاع والبلاد.
ولمّا كان القمر نائبا عن الشمس ، خليفة لها في التسخين والتحليل ؛ إذ كان قوي النور ، جعل مجراه يخالف مجراها ، فالشمس تكون في الشتاء جنوبية ، والقمر شماليا ؛ لئلّا ينفقد السببان ، وفي الصيف بعكس ذلك ؛ لئلّا يجتمع المسخّنان.
__________________
(١) ـ سورة القصص ، الآية ٧٢.
(٢) ـ سورة القصص ، الآية ٧١.
(٣) ـ سورة القصص ، الآية ٧٣.