والبلادة وأشباهها ، إلى الهلاك والبطلان ، من غير تعذيب وإيلام ، إن كانت بسيطة ، غير ممزوجة بشرّ وجودي ، وإن كانت ممزوجة بعناد واستكبار ونفاق كانت مع عذاب شديد ، وعقاب أليم ، إلى أن تتخلّص منه.
وصل
وليعلم أنّ العذاب الأليم إنّما يكون للجاحدين للحق ، والمنكرين للعلوم ، والكاسبين لأنفسهم شوقا إلى الكمالات العقلية في الدنيا ، ثمّ التاركين الجهد في كسبها ، ففقدت منهم القوّة الهيولانية ، وحصلت لهم فعلية الشيطنة ، ورسخت في أوهامهم العقائد الباطلة ، دون الناقصين بحسب الغريزة عن إدراك المراتب العالية ، فإنّ شقاوة هؤلاء غير مؤلمة ؛ لعدم معرفتهم بالكمال ، ولا شوقهم إليه ، فهي بمنزلة الموت ، أو الزمانة في الأعضاء ، من غير شعور بمؤلم ، وكلاهما مشتركان في عدم الانجبار في الآخرة ، إلّا أنّ البلاهة أدنى إلى الخلاص من فطانة تبرأ ، فعذاب الناقصين بالذوات عظيم من دون ألم.
وإلى أمثالهم الإشارة بقوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١).
وعذاب الجاحدين والمنافقين أليم ، وإليهم الإشارة بقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ* يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ
__________________
(١) ـ سورة البقرة ، الآية ٦ و ٧.