والنفوس الشريرة الخبيثة تنضم إليها الأرواح الخبيثة من النفوس الشريرة المفارقة عن الأبدان الواقعين هنالك مع الشياطين ، فيعينونها على أعمالها الّتي هي من باب الشرور والآثام ، والظلم والعدوان ، ويسمى الأوّل إلهاما ، والثاني وسوسة ، كما مضى بيانه في مباحث الملائكة الموكّلين بالحيوان الكامل ، وقد أسمعناك كلاما آخر في وسوسة الشيطان ، وإخراجه آدم من الجنة بسبب الحيّة في مباحث تقدّم خلق الأرواح على الأجساد ، وتأخّرها عنه ، وهبوط آدم من الجنّة.
فصل
قال بعض العلماء : إن أصل الضلالة والعمى والجهل من الشيطان ، وأصل الهدى والبصيرة واليقين من الملك.
واسم إبليس كشجرة خبيثة ، والشياطين بمنزلة أغصان هذه الشجرة الملعونة ، وأوراقها وأثمارها هي الأفكار الجزئية المتعلّقة بالشهوات العاجلة الحيوانية ، واللذّات الدنياوية ، وإليه أشير في قوله تعالى : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ* فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) (١).
واسم الملك والعقل كاسم شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها ، كما أشير إليه في القرآن ، وثمارها الحاصلة منها هي العلوم الكلية ، والمعارف الإلهية ، وهي أيضا شجرة طوبى الّتي غرستها يد
__________________
(١) ـ سورة الصافات ، الآية ٦٤ ـ ٦٦.