فخرجت ، فبينا أنا بين فج الروحاء على راحلتي إذا إنسان يلوي بثوبه ، قال : فملت إليه ، وظننت أنه عطشان ، فناولته الإداوة ، فقال : لا حاجة لي بها ، وناولني كتابا طينه رطب ، قال : فلما نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفر عليهالسلام ، فقلت : متى عهدك بصاحب الكتاب؟ قال : الساعة ، وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها ، ثمّ التفتّ فإذا ليس عندي أحد ، قال : فقدم أبو جعفر عليهالسلام ، فلقيته ، فقلت : جعلت فداك ، رجل أتاني بكتابك ، وطينه رطب ، فقال لي : يا سدير ، إنّ لنا خدما من الجن ، فإذا أردنا السرعة بعثناهم (١).
وقال سعد الإسكافي : أتيت أبا جعفر عليهالسلام أريد الإذن عليه ، فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة ، وإذا الأصوات قد ارتفعت ، ثمّ خرج قوم معتمّين بالعمائم ، يشبهون الزطّ ، قال : فدخلت على أبي جعفر عليهالسلام ، فقلت : جعلت فداك أبطأ إذنك عليّ اليوم ، ورأيت قوما خرجوا عليّ معتمّين بالعمائم ، فأنكرتهم ، فقال : وتدري من أولئك يا سعد؟ قال : قلت : لا ، قال : فقال : أولئك إخوانك من الجنّ ، يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ، ومعالم دينهم (٢).
وفي معنى هذه الأحاديث ، وما يقرب منها روايات مستفيضة عن أهل البيت عليهمالسلام ، رويت في الكافي ، والبصائر (٣) ، وغيرهما (٤).
قال في الفتوحات : إنّ الجان هم أجهل العالم الطبيعي (٥) ، ويتخيل جليسهم بما يخبرونه من حوادث الأكوان ، وما يجري في العالم أنها تحصل لهم ،
__________________
(١) ـ الكافي : ١ : ٣٩٥ ، ح ٤.
(٢) ـ الكافي : ١ : ٣٩٥ ، ح ٣.
(٣) ـ أنظر : بصائر الدرجات : ٩٦ ، ح ٢.
(٤) ـ أنظر الخرائج والجرائح : ٢ : ٨٥٣.
(٥) ـ في المصدر : هم أجهل العالم الطبيعي بالله.