متحصّل القوام من هوية أمر ، ولا هوية أمر ، فيكون مركبا ولو في العقل ، فما به الشيء هو هو غير ما به يصدق عليه أنه ليس هو ، فكلما كان الشيء أبسط فهو أحوط للوجود وأشمل ، وبالعكس ، وقد مضى بيان ذلك في مباحث مبدأ الوجود.
وقد ظهر من هذا أن الوجود النفسي إذا بلغ إلى مقام العقل صار هو هو بعينه ؛ إذ لا تعدد في العقول إلّا بحسب الأكمل والأنقص ؛ إذ لا تعدد في أفراد نوع واحد إلّا في المادّيات ، فلا يمكن عقلان في رتبة واحدة من الكون.
وصل
ومن هذا يعلم أنه إذا فرضت نفوس كثيرة بلغت إلى درجة عقل واحد من العقول ، صارت كلّها عقلا واحدا من غير تفاسد ، ولا بطلان ، ولا تجدد حال في العقل.
وهذه الوحدة لا تنافي امتيازها امتيازا عقليا ؛ لشعورها بذاتها ، وبأحوالها ، وهيئاتها المكتسبة من التعلّق بالأبدان ، وغير ذلك ، وهذا كامتياز كون الإنسان حسّاسا ، ومتخيّلا ، وعاقلا ، فإنّ هذه الأكوان الثلاثة أكوان إدراكية ، هي عين الشعور ، ويجدها الإنسان من ذاته ، ويدرك هويّته هوية حسّاسة ، متخيّلة ، عاقلة ، كما يظهر لمن راجع وجدانه.
وإذا جاز أن يكون صورة واحدة عقلية في غاية التجرّد صورة مطابقة لأعداد كثيرة من صور جسمانية في غاية التكثّف ، بحيث يتّحد بها ، فليجز كون صورة واحدة عقلية هي روح القدس ، صورة مطابقة لنفوس كثيرة إنسية ، يكون