ولا رئة للسمك ، وإنما يتنفس بالهواء من طريق الأذنين ، فسبحان الرؤوف الرحيم.
فصل
وأمّا قصبة الرئة ، فمؤلفة من غضاريف كثيرة ، منضودة بعضها فوق بعض ، مربوطة بعضها إلى بعض ، برباطات بعضها داوئر تامة ، وهي الّتي في داخل الرئة ، وبعضها نصف دائرة ، وهي الّتي تجاور المريء ، وتماسّه في فضاء الحلق ، وبين كلّ اثنين منها فرجة ، ويحللها غشاءان يحويان عليها ، ويشملان الفرج الّتي بينها ، ويصلان بين طرفي أنصافها ، داخلا وخارجا.
وإنما جعلت غضروفية لتبقى مفتوحة ، ولا تنطبق ، ولتكون صلابتها سببا لحدوث الصوت ، أو معينا فيه ، وإنما كثرت لئلّا تشملها الآفة ، وإنما ربطت بأغشية لتتسع تارة ، وتجتمع أخرى عند الاستنشاق والتنفس ، فإنّ القابل للتمدد والاجتماع هو الغشاء ، دون الغضروف ، وإنما لاقت المريء بجانبها الناقص ، وبالغشاء ، ليندفع الغشاء عند الازدراد عن وجه اللقمة النافذة إذا احتاج المريء إلى التمدد ، والاتساع ، فينبسط إلى الغشاء ، ويأخذ حظّا من فضاء القصبة ، فيتّسع ، وتنفذ اللقمة بسهولة ، فيكون تجويف القصبة ـ حينئذ ـ معينا للمريء عند الازدراد.
وجعل الغشاء الداخلاني أصلب وأشدّ ملاسة ؛ ليقاوم حدّة النوازل والنفوث الرديئة ، والدخان المردود من القلب ؛ ولئلّا يسترخي عن وقوع الصوت ، وإنما انقسمت في داخل الرئة أقساما كثيرة ؛ لينفذ فيها الهواء الكثير ، ويستعدّ فيها للقلب.