زوائدها المفصلية كبيرة ، كزوائد ما تحتها ؛ لتكون حركاته أسرع ، وتدارك تلك السلاسة بأعصاب وعضلات كثيرة محيطة به ، وجعل ـ أيضا ـ مسالك الأعصاب التي تتفرّع عن النخاع مشتركة بين فقرتين ؛ لئلّا تقع ثقبة تامة من فقرة واحدة فتوهنها.
والصلب وفقراته وقاية وجنّة للأعضاء الشريفة الموضوعة قدّامه ، ولذلك خلق له شوك وسناسن ، وهو مبنى لجملة عظام البدن ، مثل الخشبة الّتي تهيّأ في بحر السفينة أولا ، ثمّ يركز فيها ويربط بها سائر الخشب ، ولذلك خلق صلبا ، وهو كشيء واحد مخصوص بأفضل الأشكال ، وهو المستدير ؛ إذ هذا الشكل أبعد الأشكال عن قبول آفات المصادمات.
ولما كان الصلب قد يحتاج إلى حركة الانثناء والانحناء نحو الجانبين ؛ وذلك بأن يزول الوسط إلى ضد الجهة ، ويميل ما فوقه وتحته نحو تلك الجهة ، وكان طرفي الصلب يميلان إلى الالتقاء ، لم يخلق للفقرة الّتي هي الواسطة في الطول ، وهي العاشرة ، لقم ، بل نقر ، ثمّ جعلت اللقم السفلانية والفوقانية متّجهة إليها ، أمّا الفوقانية فنازلة ، وأمّا السفلانية فصاعدة ؛ ليسهل زوالها إلى ضد جهة الميل ، ويكون للفوقانية أن تنجذب إلى أسفل ، وللسفلانية أن تنجذب إلى فوق ، فتبارك الله أحسن الخالقين.
فصل
وأمّا النخاع فهو جسم أبيض ، ليّن ، دسم ، دماغيّ ، منشؤه مؤخّر الدماغ ، كما أشرنا إليه ، وهو خليفته ، لتتوزع منه الأعصاب والعضلات على الأعضاء ، ليفيدها الحس والحركة ، فجملة ما ينشأ منه إحدى وثلاثون زوجا من العصب ،