الحياة ، وهي باقية ، وبه حياة البدن من الواهب بواسطة النفس ، فكلّ موضع منه يفيض عليه من سلطان نوره يحيى ، وإلّا فيموت.
واعتبر بالسدد ، فلو لا أن قوّة الحس والحركة قائمة بهذا الجسم اللطيف لما كانت السدد تمنعهما ، وقد يخدر العضو بالسدة بحيث لا يتألّم بجرح ، وضرب ، وربما تنقطع الروح فتبطل الحياة منه ، ولو لا أنه شديد اللطافة لما نفذ في شباك العصب ، ومن أخذ بعض عروقه يحسّ بجري جسم لطيف حارّ فيه ، وتراجعه عنه ، وهذا هو الروح ، ومنبعه القلب الصنوبري ، ومنه تتوزّع على الأعضاء العالية والسافلة من البدن ، فما يصعد إلى معدن الدماغ على أيدي خوادم الشرايين معتدلا بتبريده ، فائضا إلى الأعضاء المدركة والمتحركة ، منبثّا في جميع البدن ، يسمى روحا نفسانيا ، وما يسفل منه إلى الكبد بأيدي سفراء الأوردة الّذي هو مبدأ القوى النباتية منبثّا في أعمال البدن ، يسمى روحا طبيعيا.
فصل
وهذا الروح إنّما يحدث من لطائف الأمشاج الأربعة ، الّتي هي : الدم ، والبلغم ، والصفراء ، والسوداء ، كما أن الأعضاء حادثة عن كثافتها على نسبة محدودة مزاجية.
والأمشاج هي أوّل ما يحدث من الغذاء ؛ وذلك لأنّ الغذاء له انهضام ما بالمضغ ؛ لاتصال سطح الفم بسطح المعدة ، بل كأنهما سطح واحد ، وفيه منه قوّة هاضمة ؛ ولهذا لا يوجد في الممضوغ الطعم الأوّل ، ولا الرائحة الأولى.
ثم إذا ورد على المعدة انهضم الانهضام التام بحرارة المعدة ، وبحرارات