وربما افترقا في شخصين ، ذكر وأنثى ، كما في أكثر الحيوانات ، وإذا اجتمعا حصل التوليد ، ويسمى الأوّل عند الجمهور بالمغيّرة ، والثاني بالمصوّرة.
أما واهب الصور فهو الله سبحانه ، بتوسّط الحقيقة العقلية ، الّتي هي ربّ نوع النفس النباتية المخدومة لهذه الأملاك جميعا ، كما في سائر الأفاعيل.
قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (١).
وقال : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) (٢).
وعن النبي صلىاللهعليهوآله ، في وصف ملك الأرحام : إنه يدخل الرحم فيأخذ النطفة في يده ، ثمّ يصوّرها جسدا ، فيقول : يا رب ، أذكر ، أم أنثى؟ أسويّ ، أم معوج؟ فيقول الله ما شاء ، ويخلق الملك (٣).
وفي لفظ آخر : ويصوّر الملك ، ثمّ ينفخ فيها الروح بالسعادة ، أو بالشقاوة (٤).
فصل
إن الأرض للنبات بمنزلة الرحم ، والبذر وما يقوم مقامه من الأصول إذا انفسدت بالرطوبة بمنزلة المني والبيضة ، فإذا نكح الجوّ الأرض ، وأنزل الماء ، ودبّرته في رحمها آثار الأنوار الفلكية ، ضحكت الأرض بالأزهار ، وأنبتت من
__________________
(١) ـ سورة آل عمران ، الآية ٦.
(٢) ـ سورة الواقعة ، الآية ٥٨ و ٥٩.
(٣) ـ بحار الأنوار : ٥٧ : ٣٨٤ ، ح ١١٤ ، بهذا المضمون.
(٤) ـ ورد هذا الخبر في إحياء علوم الدين : ١٣ : ١٧٨ ، و ١٧٩.