للعقل تحليل كلّ منها إلى شيء ووجود ، ويلزم أن يكون الكلّ كذلك ، مع أنا قد بيّنا بطلانه.
وأيضا : إن كان شيء من أجزائه غنيا ، أو فقيرا ، مستندا إلى غني آخر ، لزم تعدّد الغني بالذات ، وسنبطله ، وإن كانت كلّها فقراء مستندة إليه ، فلا يكون شيء منها موجودا في مرتبة ذاته ، فإما أن يستغني عنها في تلك المرتبة ، ويتم بدونها ، فلا يكون شيء منها جزءا ، أو لا ، فلا يكون غنيا بالذات ، بل ولا موجودا في تلك المرتبة ، تعالى عنه.
أو نقول : مع الاستناد إليه ، يلزم تقدّم الشيء على نفسه ؛ ضرورة تغاير الكلّ للأجزاء ، هذا خلف.
وهذا البرهان ممّا ألهمت به. ولله الحمد.
وإذ ليس له سبحانه جهة فقر أصلا فلا أغنى منه ، ولا أتمّ ، ولا أشدّ ، ولا أقدم ، بل هو غير متناه في الفناء والتمامية والشدّة والتقدّم ؛ إذ لو كان متناهيا في شيء من ذلك لكانت تتصور مرتبة فوقه يكون فاقدا لها ، مفتقرا إليها ، هذا خلف. فلا يحدّه حدّ ، ولا يضبطه رسم (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً* وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) (١).
__________________
(١) ـ سورة طه ، الآية ١١٠ و ١١١.