في مبدأ الوجود ، وتوحيده سبحانه
(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ
وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
أصل
قد اهتديت في
مواضع ممّا أسلفنا من الأصول إلى آيات مبيّنات ، لوجود المبدأ ، ومبدأ الوجود عزّ
اسمه ، بطرق متعدّدة :
فمنها : آية أصل
الوجود ، فإنّه إن كان قائما بذاته غير متعلّق بغيره أصلا ، فهو الله المبدأ
المبدىء ، وإن كان قائما بغيره ، وذلك الغير يكون وجودا أيضا ؛ إذ غير الوجود لا
يتصور أن يكون مقوّما للوجود ، فننقل الكلام إليه ، وهكذا إلى أن يتسلسل ، أو يدور
، أو ينتهي إلى وجود قائم بذاته ، غير متعلّق بغيره أصلا.
ثم جميع تلك الوجودات
المتسلسلة ، أو الدائرة ، في حكم وجود واحد في تقوّمها بغيرها ، وهو الله القيّوم
جلّ ذكره.
ومنها : آية
الإمكان والفقر ، فإنّه لو لم يوجد الواجب ـ أعني الغني بالذات ـ لم يوجد الممكن ـ
أعني المستغني بالغير ـ فلم يوجد موجود أصلا ؛ لأن ذلك الغير على هذا التقدير
مستغن بالغير ، فإمّا أن يتسلسل ، أو يدور ، وعلى التقديرين جاز انتفاء الكلّ بأن
لا يوجد شيء منها أصلا ، فلا بدّ من مرجّح خارج
__________________