وقال أيضا : إنّ العالم الأعلى كلها ضياء ؛ لأنها في الضوء الأعلى ، ولذلك يرى فيها الأشياء كلها في ذات صاحبه ، فصار لذلك كلها في كلّها ، والكلّ في الواحد ، والواحد منها هو الكل (١).
قال : فليس موضع العين ـ مثلا ـ في ذلك الإنسان غير موضع اليد ، ولا مواضع الأعضاء كلها مختلفة ، بل كلها في موضع واحد (٢).
إلى غير ذلك من كلماته في وصفها ، وهي كثيرة.
وصل
وأمّا النشأة المثالية ، فهي أيضا ذات حياة وبقاء ، ونورية وإدراك ، إلّا أنها دون الأولى في هذه الأحكام ، ووجودها وإن كان مستقلا مجرّدا عن مادّة الجسم ، وكذا جميع مدركاتها مجرّدة عن المواد الجسمانية ، قائمة بأنفسها ، وبذات فاعلها ، إلّا أنها شريكة مع الأجسام في أنها ذات امتدادات وكثرة مقدارية ، وإن لم تكن كثرتها كثرة موجبة للتزاحم في المكان والزمان ، أو قبول القسمة ، أو غيبة بعض الأجزاء عن بعض ، ككثرة الأجسام فهي متوسّطة بين النشأتين.
أنظر إلى صورة زيد الحاصلة في ذهنك ، وكل ما تدركه من الصور والأشباح الخيالية ، وكل ما تراه في المنام فإنها كلّها من موجودات تلك النشأة ، إلّا أن أهلها قسمان : قسم خلقه الله سبحانه على سبيل الإبداع ، أو التكميل بعد
__________________
(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٢ : ٦٨ ، عن كتاب أثولوجيا.
(٢) ـ الأسفار الأربعة : ٢ : ٦٤ ، وج ٦ : ٢٧٧ ، وج ٨ : ٢٨٤ ، عن كتاب أثولوجيا ، الميمر الرابع.