وبحسب هذا الإمكان يمكن لماهية واحدة أنحاء غير متناهية ، من الحصول والكون لأجل استعدادات غير متناهية ، تلحق لقابل غير متناهي الانفعال ، ينضمّ إلى فاعل غير متناهي التأثير ، فيستمرّ نزول البركات ، وينفتح باب الخيرات إلى غير النهاية ، كما ستطّلع على كيفيته ، ولو انحصر الإمكان في القسم الأوّل لا نغلق باب الإفاضة والإجادة ، ولبقي في كتم العدم عدد من الوجود لم يخرج إلى فضاء الكون أكثر ممّا وقع ، وهذا لا يليق بالجواد الكريم ، والواسع العليم.
أصل
كل ما وجد فقد وجب وجوده مادام كونه موجودا ؛ إذ لو جاز له العدم في زمان الوجود ومع الوجود لجاز الاقتران بين النقيضين ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله. وإذا لم يجز له العدم فقد وجب له الوجود.
وكذلك كلّ ما لم يوجد أو عدم فقد امتنع وجوده ما دام كونه معدوما ، لمثل ما ذكر.
وهذا الوجوب والامتناع بالقياس إلى الماهية الممكنة بالغير ، وبالقياس إلى وجودها بالذات.
أما الأوّل : فلأنّ الموصوف بالوجوب على هذا التقدير إنّما هي الماهية بشرط الوجود، على أن يكون الوجود خارجا عنها ، لا مجموع الماهية ، ومفهوم الوجود ، فالماهية الموجودة متقدّمة على وجوبها اللاحق ، وضرورة وجودها بحسب الواقع لا تنفك عن إمكانه لها بحسب نفسها.