المقصد الثالث
في الشفاعة
اتفق المسلمون على ثبوت الشفاعة لنبينا صلىاللهعليهوآله ، واختلفوا فذهبت المعتزلة الى أن الشفاعة إنما هي للمؤمنين في زيادة المنافع ، وذهب غيرهم الى أنها تكون للفساق في سقوط عقابهم ، وهو الحق عندي لوجوه :
أحدها : أن الشفاعة لا يفهم الا في اسقاط العقاب.
الثاني : أن طلب المنافع للغير لو كان شفاعة لكنا شافعين في الرسول عليهالسلام.
لا يقال : الرتبة معتبرة بين الشافع والمشفوع فيه.
لانا نقول : لو اعتبرت منهما اعتبرت بين الشافع والمشفوع إليه ، والتالي باطل لأن النبي عليهالسلام شفع الى بريرة (١) وهي أخفض منه.
الثالث : ما نقل عنه عليهالسلام من قول ادخرت شفاعتي لاهل الكبائر من امتي (٢).
الرابع : أن الشفاعة انما هي للمحتاج الذي هو الفاسق ، أما المستغني فالشفاعة له عبث.
احتجوا بقوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (٣) ، وبقوله
__________________
(١) كانت جارية لعائشة ولها قصة في حديث الافك ، انظر : تاريخ الطبري ج ٢ ص ١١٣.
(٢) جاء الحديث في كتب الفريقين وان اختلفت بعض كلماته ، من جملتها : الشيخ الصدوق الامالي ص ١٧٧ ، والمجلسي ، بحار الانوار ج ٨ ص ٣٥ ، ومن اهل السنة : ابي داود ، سنن المصطفى ج ٢ ص ٢٧٩ ، والهيثمي ، مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٦٨ ، وقال العلامة انه حديث متواتر (انوار الملكوت ص ١٨٦).
(٣) غافر : ١٨.