بالقبيح والواجب وإن لم نعلم فعل الضد الذي يشيرون إليه كما أنا نعلم حسن المدح والذم بفعل الواجب والقبيح.
وألزم أصحاب المذهب الأول أبا هاشم كونه تعالى يستحق من المدح ما لا نهاية له ، لأنه لا يفعل من القبيح ما يقدر عليه ، وكذلك الواحد منا اذا لم يفعل الجهالات ما لا نهاية له.
وألزم أبو هاشم أصحاب المذهب الأول أن لا يستحق الله تعالى الذم اذا لم يفعل الثواب ، وإنما الشرط أن يكلف لغرض الثواب والإلزامان غير واردين.
أما الأول ، فإن عنوا به أنه تعالى يمدح بأنه لا يفعل جميع ما يقدر عليه من القبائح ، فهو تعالى ممدوح بذلك.
وإن عنوا به أنه يفعل (١) من الأقوال ما لا نهاية له ، لم يلزم ، لأن الأول كاف في مدحه بذلك ، والواحد منا انما لا يستحق المدح على أن لا يفعل الجهل ، لأنه لا يدعوه الداعي الى أن يفعله ولا يخطر بباله منه الّا اليسير فلا يستحق المدح إلا على ذلك.
واما الثاني ، فلأنه لو لم يفعله لكان عالما في الأزل بأنه لا يفعله فيفوت غرض التعريض بالتكليف فيقبح التكليف.
مسألة : المطيع يستحق بطاعته الثواب ، وقد خالف في ذلك الأشاعرة بأسرهم وأبو القاسم الكعبي (٢).
لنا أن التكليف مشقة يقبح فعلها من غير عوض وذلك العوض إن صح الابتداء به كان توسّط التكليف عبثا فهو عوض مستحق لا يصحّ الابتداء به وذلك هو الثواب لأنه عبارة عن النفع المستحق المقارن للتعظيم.
__________________
(١) ب : لا يفعل.
(٢) انظر في هذا البحث الى : ابن ميثم البحراني ، قواعد المرام ص ١٥٨ ، والتفتازاني ، شرح المقاصد ج ٥ ص ١٢٦.