البحث الرابع
في أن الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيّته
اتفقت الإمامية على ذلك ، ووافقهم على ذلك بعض المعتزلة ، وخالفهم الأشاعرة والباقي من المعتزلة.
لنا لو لم يكن أفضل لكان إما مساويا او أنقص ، والأول باطل لعدم الاولوية ، فإنه ليس أحدهما أولى بالإمامة من الآخر ، والثاني كذلك ، فإنه يقبح عقلا تقديم المفضول على الفاضل فيما وقع فيه التفاضل.
لا يقال : إنّما يقبح ذلك إذا لم يكن في تقديم الفاضل نوع مفسدة ، اما اذا اشتمل عليها فلا.
لأنا نقول : العقل قاض بالقبح مطلقا ، فإن الكذب مثلا يقبح مطلقا سواء اشتمل على نفع أولا ، وأيضا زوال المفسدة بتولية المفضول بوجه من وجوه الحسن ، ولا شك في أن وجه الحسن لا يقتضي الحسن الا اذا انتفت عن الفعل وجوه القبح ، وهاهنا ليس كذلك ، فإن تقديم المفضول وجه قبح لا ينفك عنه.
واعلم أن هذا ليس حكما عقليا لم يساعد عليه النقل ، بل القرآن قد دل على ذلك أيضا في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١) ، وهذا دليل قاطع على هذا المطلوب.
__________________
(١) يونس : ٣٥.