سلمنا ان اللطف واجب ، لكن ليس كل لطف ، بيانه أن فاعل اللطف له ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعلم أن الملطوف له يفعل الملطوف فيه.
وثانيها : أن لا يعلم أنه لا يفعله.
وثالثها : أن يعلم أنه لا يفعله ، ففي الأول والثاني نسلم أنه يجب فعل اللطف ، وأما الثالث فلا نسلم أنه يجب فيه فعل اللطف ، والله تعالى لا بدّ وان يكون عالما ، إما بالفعل فيجب اللطف ، واما بعدمه فلا يجب.
واذا كان كذلك فلا يجب على الله تعالى نصب الإمام إلا إذا علم انتفاع المكلف به ، وذلك غير معلوم ، لاحتمال أن يعلم الله تعالى في بعض الأزمنة أن الإمام ليس في حقهم لطفا محصلا وإن كان لطفا مقربا فلا يجب فيه نصب الإمام.
ثم كل زمان يحتمل ذلك فلا يصح الحكم بالوجوب على الله تعالى في شيء من الأزمنة.
سلمنا لكن متى يجب اللطف إذا كان ممكنا أو إذا لم يكن ، وإذا كان كذلك فيحتمل أن يكون نصب الإمام في بعض الأزمنة غير مقدور له تعالى فلا يكون واجبا.
وبيان هذا الاحتمال أن الله تعالى قد يعلم في بعض الأزمنة أن كل من خلقه فيه فإنه يكفر أو يفسق ، فلا يكون في ذلك الزمان خلق المعصوم مقدورا له ، وهذا يحتمل في كل زمان.
لا يقال : لو لم يمكن خلق المعصوم في ذلك الزمان لبطل التكليف ، بخلاف الكافر فإنه لا لطف له في الحال والمآل ، فلما استحال ذلك مطلقا لا جرم لم يتوقف عليه التكليف ، أما اللطف الحاصل من الإمام فهو وإن لم يكن مقدورا في الحال لكنه يمكن في المستقبل فلا جرم يقبح التكليف في المآل بدون الإمام.