الثالث : فعل الطاعة وترك المعصية عند فقدان الإمام أشدّ منهما عند وجوده ، فيكفي الثواب عليهما في حالة فقده أكثر منه حالة وجوده ، وذلك فساد عظيم.
سلمنا أن الإمامة لطف لكن لا نسلم أنها دائما كذلك ، فإنه قد يكون في بعض الأزمنة من يستنكف من اتباع غيره ، فيكون نصب الإمام في ذلك الوقت قبيحا.
سلمنا لكن هاهنا لطف آخر فلا يتعين الإمامة للوجوب ، وبيانه أن الإمام معصوم ، فعصمته إن كانت لإمام آخر تسلسل ، وإن كانت لا لإمام آخر فقد ثبت المطلوب ، لأن امتناع الإمام من المعصية وترك الواجب لا يتوقف على الإمام بل له لطف آخر.
لا يقال : إنا نعلم بالضرورة أن القوم الذين لا يكونون معصومين ينزجرون عن القبائح أتم عند وجود الإمام.
لأنا نقول : جاز أن يكون في بعض الأزمنة القوم بأسرهم معصومين فيه ، فلا يكون نصب الإمام هناك واجبا ، ولأنكم حينئذ تجعلون العصمة قائمة مقام الإمام في ذلك الوقت فجاز في كل وقت فلا يتعين وقت من الأوقات لوجوب نصب الإمام على التعيين ، ولأنه جاز أن يكون غير العصمة سببا في الامتناع عن الإقدام على المعاصي.
سلمنا لكن هاهنا ما يدل على أنها ليست لطفا ، وذلك لأنها إما أن يكون لطفا في أفعال الجوارح أو في أفعال القلوب ، والقسمان باطلان.
اما الاول فعلى قسمين ، وذلك أن القبائح منها ما يدل العقل عليها ومنها ما يدل السمع عليها ، فإن جعلتم الإمام لطفا في الشرعيات لم يلزم وجوبه مطلقا ، لأن الشرع لا يجب في كل زمان ووجوب اللطف تابع لوجوب الملطوف فيه ، وان جعلتموه لطفا في العقليات ، فنقول : القبائح العقلية إن تركت لوجه وجوب تركها