الجن أو بعض
الملائكة في غاية الفصاحة بحيث يصدر عنه هذا القرآن ، فحينئذ لا يمكن الاستدلال
على صدقه عليهالسلام إلا بعد استناد القرآن إليه تعالى ، واسناده إليه تعالى إنما علمناه بقول
الرسول ، وذلك دور.
أما اذا جعلنا جهة
الاعجاز هو الصرفة ، اندفع هذا المحذور.
الثاني
: أنا نعلم قطعا أن
العرب كانوا متمكنين من مفردات الألفاظ ومن تركيبها ، ومن قدر على المفردات وعلى
التركيب كان قادرا عليهما قطعا ، فإذن العرب كانوا متمكنين من الإتيان بالمثل
وإنما سلبوا هذه القدرة او الداعي.
وهذان الوجهان
عندي [ضعيفان] ، أما الأول ، فلأنا لا نشرط في المعجز صدوره منه تعالى ، فإنا لو
علمنا صدوره من النّبي عليهالسلام باقداره تعالى على ذلك لكان معجزا ، ولأن هذا الدليل إن
طعن في الفصاحة فهو بعينه طاعن في الصرفة ، لأنه لا استعباد في أن يكون بعض العرب
متمكنا من المنع عن المعارضة بالسحر فالإلزام مشترك.
لا يقال : تمكين
الله تعالى الساحر من ذلك فساد عظيم.
لأنا نقول : بذلك
تمكين الملك والجن من ذلك فساد عظيم.
لا يقال : هذا
اعتراف بالصرفة.
لأنا نقول : هذا
انما هو صرف لبعض الملائكة او الجن على تقدير المنع الذي ذكرتموه ، أما بالنسبة
الى العرب فلا.
وأما الثاني ،
فالمنع من قدرة العرب على ما ذكروه.
واستدل القائلون بالفصاحة بوجوه :
الأول
: لو كان عجز العرب
عن المعارضة لأجل منعهم منها مع قدرتهم ، لوجدوا ذلك من أنفسهم وفرقوا بين حال
التخلية وحال المنع ، ولو وجدوا ذلك
__________________