البحث التاسع
في الأرزاق والأسعار
حدّ العدلية الرزق بأنه ما صح الانتفاع به ولم يكن لأحد منع المنتفع منه ، والمجبرة قالوا : إنه ما اكل ، ويتفرع على هذا الخلاف الحرام عند المجبرة أنه رزق.
وخالف فيه العدلية مستدلين بقوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) (١) أمر بالإنفاق ، والحرام ، يأمر الله بإنفاقه فليس برزق.
والاعتراض من وجهين :
الأول : ليس صيغة ما للعموم في معرض الجسم.
الثاني : يجوز تخصيص العام بما ذكرتم.
مسألة : منع الصوفية من طلب الرزق ، لأن الحلال قد اختلط بالحرام بحيث لا يمكن تمييزه (٢) فيجب اجتنابه ، ولأن فيه مساعدة للظالمين بطلب الخراج والضمان ، ولأنه تعالى أمر بالتوكل وهو ينافي الطلب.
وهذا خيال ضعيف ، فإن المكلف إذا عرف الشيء المعين قد اختلط فيه الحلال بالحرام اجتنبه ، اما مع فقد العلم فلا ، والمساعدة ليست مقصودة بالذات والتوكل لا ينافي الطلب.
مسألة : السعر هو تقدير البدل فيما يباع به الأشياء ، وهو على ضربين : رخص وغلاء ، والرخص هو السعر القاصر عما جرت به العادة مع اتحاد الوقت والمكان ، وكل واحد من الرخص والغلاء قد يحصل من قبل الله تعالى وقد يحصل من قبل العبد.
__________________
(١) البقرة : ٢٥٤.
(٢) ب : تميزه.